ولعل أهم ما شجّعنا على شراء دار النجمة هو ما لاحظناه من أن قراء الروايات ليسوا جميعاً من نوع واحد، ففيما يتفق الجميع على أهمية اللغة الفصيحة الصحيحة والصياغة السلسة المفهومة والأسلوب البليغ الجذاب فإنهم يتفاوتون في تقديرهم للترجمات الكاملة، ويبدو أن كثيرين من القراء العرب يفضّلون النصوص المختصرة ولا يحبون الغرق في التفاصيل. إن مشكلة هؤلاء القراء مع كثير من الروايات المنشورة في عالمنا العربي ليست في اختصارها وإنما هي في أسلوب كتابتها الرديء، ولأن هذا هو لبّ اختصاصنا فقد نجحنا بحل هذه المشكلة التي تزعج القراء العرب، وقدّمنا لهم روايات مترجمة بلغة سليمة وبأسلوب يتميز بالجمال والسلاسة والإتقان.
هذه هي الخلاصة التي أحببنا عرضها على أصدقائنا الأعزاء، ومَن أحَبّ قراءة القصة الكاملة لدار النجمة وعلاقتها بدار الأجيال فيمكنه الاطّلاع عليها في موقعنا على الرابط المرفَق مع المنشور. كما ندعو أصدقاءنا لمراجعة شهادات وتقييمات قرّاء النجمة في موقع الدار الموضح في التعليق الأول، وندعوهم أيضاً إلى قراءة الرواية المجانية التي قدمناها هدية لقراء الدار، وهي رواية مختارة من "مجموعة النجمة البوليسية الجديدة" التي طرحناها للبيع قبل بضعة أسابيع.
* * *
ما سبق هو نص المنشور الذي نشرناه نشراً عاماً في منصّاتنا الافتراضية، وهو يقدم خلاصة المسألة للذين لا يحبون المطوَّلات، أما القراء الذين يفضّلون معرفة التفاصيل فيسرنا أن نسرد لهم الحكاية الكاملة، وسوف نبدأ الحكاية من أولها وصولاً إلى حلقتها الأخيرة.-1-
بدأت روايات أغاثا كريستي بالظهور في سوق النشر العربي منذ أربعينيّات القرن الماضي، وكان أكثرها من ترجمة المترجم المصري الراحل عمر عبد العزيز أمين، وهي ترجمة فيها بعض التصرف والاختصار والحذف الذي يصل في معظم الأحيان إلى نحو ثلث حجم النص الأصلي. وقد بقيت هذه الترجمة هي الوحيدة السائدة تقريباً حتى ظهرت عام 1999 ترجمةُ دار الأجيال الكاملة التي غيّرت نظرة القارئ العربي لأدب أغاثا كريستي الرفيع. ولم تكن دار الأجيال مختصة بالتوزيع في أي يوم، فنحن ناشرون فقط ولسنا موزعين، ومن ثَمّ اضطررنا إلى التعاون مع ناشرين آخرين لتوزيع رواياتنا، فمنحنا حق التوزيع في السنوات الأولى لناشرين لبنانيين، ثم انتهى الأمر إلى الاتفاق مع شركة توزيع اسمها "بايونير هاوس" على تمثيلنا وتوزيع كتبنا في السعودية ودول الخليج العربي. كانت تلك الشركة متخصصة بشكل رئيسي في مبيعات الكتب الأجنبية وكانت رواياتنا هي أول تجربة لها مع الكتب العربية، ولعل كثيرين من قرّائنا القدامى ما زالوا يحتفظون بالطبعات المبكرة من رواياتنا التي طبعناها في تلك الفترة، وسوف يجدون في صفحتها الرابعة (التي تُسمَّى في عالم النشر "صفحة الحقوق") عبارة هذا نصّها: "التوزيع في دول الخليج العربي: بايونير هاوس"، وتحتها أرقام هواتف الموزّع في السعودية والإمارات والكويت وعُمان وقطر والبحرين.-2-
كانت هذه بداية رحلة طويلة مع شركاء محترمين ساعدونا في توزيع منشوراتنا وساعدناهم لاحقاً في تحرير منشوراتهم، فقد استفدنا من شبكة توزيع "بايونير هاوس" في السعودية ودول الخليج، وبفضلهم (بعد فضل الله) انتشرت رواياتنا في هذه البلدان وعرفها القراء. ومع نجاح تجربة الشركة في توزيع كتبنا وُلدت فكرة إنتاج وتوزيع موسوعات عربية بمشاركة الطرفين، وبطبيعة الحال كان العمل الأدبي كله من نصيب "الأجيال"، ويتضمن الترجمة والتحرير والتصميم الفنّي، والطباعة والتوزيع من نصيب الشريك الآخر. وهكذا صدرت "موسوعة الأجيال" أولاً عام 2004 ثم "موسوعة 1000 حقيقة" عام 2009، وقد طُبع على أغلفة الأجزاء العشرة لكل منهما اسم "الأجيال" واسم بايونير هاوس معاً، وطُبعت في الصفحة الأخيرة من كل الأجزاء هذه العبارة: "جميع الحقوق باللغة العربية محفوظة للناشرَين: دار الأجيال للترجمة والنشر وشركة بايونير هاوس".-3-
منذ تلك اللحظة تطورت العلاقة بيننا إلى تعاون كامل في التحرير والإخراج والطباعة، فقد كان جوابنا الذي قدمناه لشركائنا أصحاب دار النجمة: "نحن جاهزون للمساعدة ولكننا لا نرضى بأنصاف الحلول، ولن تسمح لنا معاييرنا الأدبية واللغوية العالية بالاقتصار على مجرد تصحيح أخطاء نحوية وإملائية وطباعية فحسب، بل لا بد لنا من إخضاع الترجمات لتحرير أدبي شامل وإعادة إخراج الروايات وفق قواعدنا الفنية". وهذا ما كان، فقد فرّغنا طاقم تحريرنا لهذه المهمة وأخضعنا الروايات الجديدة لعملية تحرير شاملة أعدنا فيها تصحيح النص العربي وتنقيحه، وأنهينا العمل في ستين رواية نشرتها "دار النجمة" على دفعات متتالية منذ عام 2007، وصارت تلك الطبعة هي الأفضل بين كل الطبعات الشعبية التي اعتمدت على الترجمات المصرية القديمة. وبعد عدة سنوات من العمل اتخذت شركة "بايونير هاوس" قراراً بالتوقف عن طباعة تلك المجموعة والاستغناء عن النشر العربي، وعادت إلى توزيع الكتب الأجنبية الذي كان هو عملها الأصلي.-4-
بعدما استأنفنا العمل في "الأجيال" في مطلع عام 2020 (بعد توقف طويل استمر لنحو ثلاث عشرة سنة) وجدنا أن إصدارات "دار النجمة" قد احتلّت موقعاً مرموقاً في سوق الروايات المترجَمة بسبب نوعيتها الجيدة وأسلوبها الأدبي المتميز، ولاحظنا عندئذ أن قراء الروايات ليسوا جميعاً من نوع واحد، ففيما يتفق الجميع على أهمية اللغة الفصيحة الصحيحة والصياغة السلسة المفهومة والأسلوب البليغ الجذاب فإنهم يتفاوتون في تقديرهم للترجمات الكاملة، ويبدو أن كثيرين من القراء العرب يفضّلون النصوص المختصرة ولا يحبون الغرق في التفاصيل. عندئذ فكرنا: إن مشكلة هؤلاء القراء مع كثير من الروايات المنشورة في عالمنا العربي ليست في اختصارها واختزال نصوصها وإنما هي في أسلوب كتابتها الرديء وطباعتها السيئة، ونحن قادرون على حل المشكلتين حلاً نموذجياً، وقد نجحنا فعلاً في معالجة روايات أغاثا كريستي التي نُشرت سابقاً باسم "دار النجمة" وقدّمناها بلغة سليمة وبأسلوب يتميز بالجمال والسلاسة والإتقان. ومن ثَمّ فقد اتخذنا قراراً جريئاً ومضينا فيه منذ مطلع العام الماضي (2021): اشترينا "دار النجمة" من شركائنا السابقين وأنشأنا لها موقعاً إلكترونياً مستقلاً عن الأجيال، ثم أعدنا تصميم مجموعة من روايات أغاثا التي تولّينا نحن أنفسنا تحريرها في الماضي وطبعناها طبعة جديدة طبّقنا عليها معاييرنا الصارمة في جودة الطباعة والتغليف.-5-
ولعل بعض أصدقائنا القراء يسألون أخيراً: ما الفرق بين الدارين؟ والجواب بإيجاز هو أننا حرصنا في منشورات "النجمة" على سلامة اللغة وتجويد الأسلوب وعلى نظافة النص من الناحية الأخلاقية، ثم طبعناها طباعة راقية لا تختلف عن جودة طباعة كتب الأجيال. ويكاد الفرق بين منشورات الدارَين ينحصر في أمرين: (1) ترجمات "الأجيال" من عملنا وهي ترجمات كاملة أمينة للنصوص الأصلية، أما ترجمات "النجمة" فليست من إنتاجنا، بل نشتريها جاهزة أو نحصل على روايات مترجَمة قديمة انتقلت حقوقها الفكرية إلى "المجال العام"، وهي في الأغلب ترجمات مختصَرة غير كاملة. (2) الفرق الثاني يتمثل في المعالجة الأدبية والأسلوبية للنص المترجَم، فقد حرصنا في منشورات "النجمة" على تصحيح اللغة وتجويد الأسلوب، ولكنّا لم نبلغ فيها درجة المستوى الرفيع والامتياز العالي الذي يميز منشورات "الأجيال". ورغم ما بين الدارين من فرق في هذا الباب فإن مستوى روايات "النجمة" يبقى أعلى بدرجة ملحوظة من مستوى الأسلوب والترجمة في معظم الكتب الأجنبية المترجَمة والمتداوَلة في سوق النشر العربي في هذه الأيام.الخلاصة: تشترك منشورات "الأجيال" و"النجمة" بنظافتها أخلاقياً ودينياً بدرجة كاملة، وتشتركان بسلامة اللغة وسلاسة الأسلوب (مع بعض التفاوت بين الدارين لصالح الأجيال)، أما دقة الترجمة وكمالها فالاختلاف بين الدارين كبير، فترجمات الأجيال كاملة متقنة، وترجمات النجمة فيها -غالباً- قدر غير قليل من الاختصار.
وأخيراً تتميز منشورات "النجمة" بسعرها الرخيص، وبذلك تحقق ما نسمّيه "رباعية النجمة": "لغة سليمة + قراءة آمنة + طباعة رائعة + سعر رخيص". ونرجو أن تحصل كلا الدارين على رضا وإعجاب أصدقائنا وقرائنا الكرام.